بسم الله الرحمن الرحيم

بيان موقف شرعي صادر عن المجلس الأوروبي للأئمة

(التقاعس في نصرة غزة وخذلانها إثم كبير ومعصية تشمل جميع المسلمين حكّامًا ومحكومين)

الحمد لله القائل:
﴿ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾ (الأنفال: 72)،
والصلاة والسلام على من قال:
«المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه» [متفق عليه].

أما بعد،
فإن المجلس الأوروبي للأئمة، إذ يتابع المأساة الكبرى التي يتعرّض لها أهل غزة، من حصار وتجويع وإبادة جماعية وتهجير قسري، وما يصدر عن مؤتمرات الدول الإسلامية من ذل وخذلان، وبناءً على التوصيات والدراسات التي رُفعت إليه من لجانه الشرعية، فإنه يرى:

أن كل مسلمٍ وحاكمٍ قصّر في نصرة أهل غزة، وتركهم فريسة للعدوّ الصهيوني المجرم، فهو آثمٌ عاصٍ، خائنٌ لله ورسوله وأمانته.

كما يؤكد المجلس على ما يلي:

أولًا:

مع ما وصل إليه الوضع في غزة، فإن جميع المسلمين وحكامهم آثمون بترك نصرة أهلها، إلا من استثناه الشرع:

• كالمريض والعاجز الذي لا يملك حيلة، ولا يجد سبيلًا.

• ومن هو قائم بمصالح ضرورية لا يقوم بها غيره.

• ومن اجتهد في النصرة وبذل الوسع، فنُكّل به أو مُنع قهرًا، أو غُلب على أمره.

فهؤلاء لا إثم عليهم، بشرط اصطحاب نيّة الإعانة، والعزم عليها متى تهيَّأت الفرص الملائمة، والله يتولّى سريرتهم.

ثانيًا:

إن الوزر الأعظم، والإثم الأكبر، يلحق قادة المسلمين وحكّامهم الذين:

• لم يجعلوا مأساة غزة شغلهم الشاغل، ولا سعَوا إلى فكّ الحصار عن أهلها.

• لم يهبّوا لحماية المسلمين المستضعفين، وردّ العدوان عن دمائهم وأعراضهم.

• لم يُحرّكوا ساكنًا، ولا قطعوا العلاقات، ولا رفعوا دعاوى جديّة أمام المحاكم الدولية.

بل لقد قصّر هؤلاء تقصيرًا يندى له جبين كل حرّ، حتى إنهم لم يبلغوا موقف حكومة جنوب إفريقيا التي قطعت علاقاتها بالكيان الصهيوني وساقته إلى محكمة العدل الدولية، واستصدرت بحق زعيمه صفة "مجرم حرب"، ولا مواقف دول بوليفيا، وكولومبيا، وتشيلي، وفنزويلا، وهندوراس وغيرها من البلاد غير المسلمة، التي قطعت علاقاتها بالكيان الصهيوني، وكانت لها مواقف أشرف من أكثر الدول الإسلامية، التي ما زال بعض حكامها ينفقون أموال شعوبهم في اللهو والمجون، بينما يموت أطفال المسلمين تجويعًا وقصفًا، وتُباد غزة أمام أعينهم، دون أن تتحرّك فيهم نخوة أو كرامة أو وازع دين.

ثالثًا:

إن نصرة فلسطين عامة، وغزة خاصة، ليست تفضُّلًا، بل هي فريضة في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع أهل العلم.

إن أهل فلسطين ما زالوا في دفاع مشروع منذ أن اُحتلّت أرضهم، وهُجّروا منها قسرًا منذ عقود طويلة. وسيبقى هذا الدفاع المشروع ضد المحتلين والقتلة المجرمين حقًّا تُقرّه جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.

إن المجلس الأوروبي للأئمة، إذ يُبيّن هذا الحكم الشرعي، فإنه يدعو:

• الدول الإسلامية، وبخاصة تلك المجاورة لفلسطين، إلى وقفة جادّة، واتخاذ مواقف عملية عاجلة لنصرة غزة بكل الوسائل المشروعة.

• ويؤكد أن القعود عن القيام بهذا الواجب الشرعي والالتزام المبدئي عار يرقى إلى درجة الشراكة في إثم الإبادة الجماعية وحرب التجويع، وتشجيع الفظائع الرهيبة التي تقشعرّ لها الأبدان الحرّة في كل مكان.

كما يدعو:

• الشعوب المسلمة إلى اليقظة والمبادرة، وإحياء واجب النصرة، كلٌّ بما يستطيع، ببذل النفس والوقت والمال، في كل المجالات العملية والقانونية والسياسية والإعلامية.

• ويتوجه المجلس بالدعوة إلى العلماء والدعاة والخطباء لتوضيح الحكم الشرعي، وتبليغ الأمانة، وإحياء روح النصرة الصادقة، وأن يكونوا في طليعة القائمين على هذا الأمر بأنفسهم وأموالهم.

وليعلم الجميع أن الله سائلنا جميعًا عن هذه الدماء، وهذه الأمانة، وهذا الظلم العظيم:

﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾
﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾

#

المجلس الأوروبي للأئمة
صدر في: 02.08.2025
www.euimams.org